بدأ حلف شمال الأطلسي الانسحاب من أفغانستان عقب قرار الرئيس الأمريكي إنهاء أطول حروب بلاده، وفق ما أفاد الخميس مسؤول في الحلف وكالة فرانس برس.
وقرر أعضاء الحلف هذا الشهر سحب القوات المشاركة في مهمة “الدعم الحازم” البالغ عددها 9600 عنصر بعد قرار جو بايدن إنهاء حضور واشنطن العسكري في أفغانستان.
وقال المسؤول “قرر الحلفاء في حلف شمال الأطلسي منتصف نيسان بدء سحب قوات مهمة الدعم الحازم بحلول الأول من أيار، وقد بدأ الانسحاب. ستكون عملية منظمة ومنسّقة ومدروسة. ستكون سلامة جنودنا أولوية قصوى في كل خطوة من العملية، ونتخذ جميع التدابير اللازمة لتأمين سلامة طاقمنا”.
لم يحدد المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، عدد الجنود أو المواعيد النهائية لسحب قوات كل من الدول المعنية.
وشدّد على أن “أي هجوم لطالبان خلال الانسحاب سيكون موضع رد قوي”.
وتابع “نتوقع أن يكتمل انسحابنا في غضون بضعة أشهر”.
وقدّر الرئيس الأمريكي جو بايدن أن مهمة “الدعم الحازم” قامت ب”استيفاء” هدفها، وأعلن سحب القوات الأمريكية بالكامل بحلول 11 أيلول، وهو تاريخ رمزي نظرا لتدخل الأمريكيين وحلف الناتو ضدّ القاعدة في أفغانستان بعد اعتداءات 11 أيلول 2001 في الولايات المتحدة.
وأرجأ بايدن الموعد السابق للانسحاب خمسة أشهر، وقد نصّ اتفاق سلفه دونالد ترامب مع حركة طالبان في شباط 2020 على سحب كل القوات الأمريكية بحلول الأول من أيار 2021.
وأعلنت ألمانيا اعتزامها إنهاء سحب قواتها بحلول 4 تموز.
– “فصل جديد” –
هدف مهمة الحلف “الدعم الحازم” كان تدريب القوات الأفغانية لضمان أمن البلاد بعد خروج القوات الأجنبية، وهي تشمل طواقم من 36 دولة عضو وشريكة بينهم نحو 2500 عنصر أميركي، وتعتمد بشكل كبير على امكانيات واشنطن العسكرية.
وكانت الولايات المتحدة أعلنت نشر قوات إضافية بشكل موقت لتأمين قوات التحالف أثناء انسحابها، كما مددت وجود حاملة طائرات في المنطقة لدعم الانسحاب.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار إن “نية الرئيس واضحة: رحيل الجيش الأمريكي من أفغانستان لن يكون متعجلا أو متسرعا. سيكون بطريقة مدروسة وآمنة تضمن حماية القوات”.
وأضافت “إذا هاجمنا الخصوم المحتملون أثناء انسحابنا، سندافع عن أنفسنا وعن شركائنا بكل الأدوات المتاحة لدينا”.
وأبرم ترامب العام الماضي صفقة مع طالبان ترمي إلى إنهاء وجود القوات الأمريكية في أفغانستان بحلول بداية أيار بشرط خفضها العنف والتزامها بمحادثات سلام مع الحكومة الأفغانية.
وهددت الحركة المتمردة بأنها قد تستهدف القوات الأجنبية في حال لم تلتزم بموعد الانسحاب المحدد في الاتفاق.
وجاء إعلان بايدن إنهاء عقدين من الحضور العسكري في أفغانستان رغم ارتفاع منسوب العنف وتعطل المفاوضات بين طالبان وحكومة كابول.
وتؤكد الولايات المتحدة أنها حققت هدفها بمنع أن تكون أفغانستان “ملاذا للإرهابيين” بعد تفكيكها شبكات تنظيم القاعدة، وتشدد على أن تدخلها العسكري قد يبقى مفتوحا في حال عدم انسحابها.
من جهته، اعتبر رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارك ميلي الأربعاء أنه من المستحيل التنبؤ بمستقبل أفغانستان بعد انسحاب القوات الأجنبية، وأشار إلى مخاطر “سقوط كابول” مؤكدا أن ذلك “ليس نتيجة محسومة”.
وتصرّح واشنطن بأنها ستبقى مع شركائها في الناتو ملتزمة تجاه أفغانستان.
وقال الحلف في بيان الشهر الماضي “سيستمر حلفاء وشركاء حلف شمال الأطلسي في الوقوف إلى جانب أفغانستان وشعبها ومؤسساتها في تعزيز الأمن ودعم مكاسب السنوات العشرين الماضية”.
وتابع أن “سحب قواتنا لا يعني إنهاء علاقتنا بأفغانستان. بدلاً من ذلك، ستكون هذه بداية فصل جديد”.
والدول التي تنشر أكبر عدد من القوات في أفغانستان هي الولايات المتحدة (2500) وألمانيا (1300) وإيطاليا (895) والمملكة المتحدة (750) وتركيا (600).
ويعتبر كثير من المحللين أن انسحاب قوات الحلف يمكن أن يؤدي إلى حرب أهلية جديدة في أفغانستان أو يقود إلى عودة طالبان إلى السلطة بعد إطاحتها منها نهاية عام 2001.