Site icon العربي الموحد الإخبارية

السياحة في الجزائر: يمّا قورايا.. 4 روايات عن جوهرة الشرق

بلد يُحسب ثراؤه الثقافي وأسراره التاريخية وقصصه وأساطيره الغريبة وجماله الطبيعي بحجم قارة، عمره بآلاف السنين، إنه الجزائر.

وأينما تطأ قدماك أرض الجزائر تجد مجموعة من القصص أو الأساطير أو حتى الأعاجيب التي تنتظرك وكأنك في متاهة سياحية، تاريخية، حضارية تأسرك لتستكشف المزيد.ومن بين تلك المدن الجزائرية التي تسبح فوق بحر من الأسرار التاريخية توجد مدينة بجاية الساحلية، جوهرة الشرق الجزائري وأحد أجمل مدنها.
يرتبط اسمها بمعلم فريد من نوعه، تاريخي وطبيعي وسياحي إنه جبل “يمّا قورايا” الذي يصل ارتفاعه إلى 672 مترا.

هو ليس مجرد قمة جبلية جميلة، بل هو مرتفع شامخ “يحرس مدينة بجاية” المطلة على البحر المتوسط.. نعم، إنها القمة التي تحرس بجاية ونُسجت حولها عشرات الأساطير والحكايات لدرجة أن الأبحاث التاريخية عجزت أمام غموض قصة هذا الجبل، و”ملكته التي تربعت على عرشه حية وميتة”.. “يمّا قورايا”.
و”يما قورايا” من أكثر وأهم المناطق السياحية في الجزائر التي تستقبل سنوياً أكثر من مليون زائر، والجبل جزء من الحظيرة الوطنية التي تحتوي على ثورة غابية وحيوانية وسمكية كبيرة ونادرة، وبها مرتفعات صخرية تسمى “كاب كاربون” وبها واحدة من أكبر المنارات في العالم، والقمة مصنفة من قبل منظمة اليونيسكو محمية طبيعية عالمية منذ 2004.ولا يمكن زيارة مدينة بجاية دون المرور على “يمّا قورايا”، حتى إن كل من زارها يقول إنها “تستحق العناء الوصول إليها”، إذ يتطلب الوصول إلى القمة السير 5.5 كيلومتر على الأقدام.

ولهذا المكان غرابة يعجز اللسان عن تفسيرها، إذ يظهر الجبل من بعيد أو من الأعلى “امرأة نائمة”، وهو المكان أيضا الذي ترقد فيه “يمّا قورايا” حيث يوجد قبرها منذ مئات السنين.الروايات الأربع
لم تحسم الأبحاث والدراسات التاريخية حقيقة المرأة “يمّا قورايا” في أنها حقيقة أم أسطورة، لكن ما توفر من رواياتها الأربع، تؤكد بأنها “لم تكن ككل النساء”، والتي برزت منذ عهد الاحتلال الإسباني لمدينة بجاية منذ سنة 1510 ميلادي، وهو ما تؤكده لوحة بأعلى الجبل تسرد قصة هذه السيدة.

الرواية الأولى تقول إن “يمّا قورايا” “ولية صالحة” منذ 429 ميلاديا غداة الغزو الوندالي لبجاية التي كانت تسمى في ذلك الوقت “صلداي”، ويُعتقد أن أصل كلمة “قورايا” مستمد من اللغة الوندالية ويعني “الجبل الصغير” أما “يمّا” فهي كلمة “أمي” في اللهجة الجزائرية بكثير من المدن، ويردد سكان بجاية أساطير تقول إن لمدينتهم “99 ولياً صالحاً آخرهم امرأة”.ومن هنا يتضح أهمية هذه المرأة التي يعتبرها سكان بجاية “أمهم التاريخية”، وقبرها الموجود في قمة الجبل مرقد لها وتحول إلى مزار منذ مئات السنين، ويقولون إنها كانت “امرأة متصوفة”.
وإلى يومنا، يقوم زوار المنطقة بطقوس خاصة عند زيارة ضريح “يمّا قورايا”، حيث يشعلون الشموع ويتصدقون بالمال والأكل.الرواية الثانية تذكر بأن “يمّا قورايا” لم تكن جزائرية، بل إسبانية جاءت مع الاستعمار الإسباني سنة 1510، لكنها تحولت إلى مناهضة لذلك الاحتلال، ودخلت الإسلام وأعلنت الحرب مع سكان بجاية على الغزو الإسباني ومنه سميت “حارسة بجاية”.
أما الرواية الثالثة، فتقول إن اسم “يمّا قورايا” اختفى منذ دخول العثمانيين سنة 1516، وتحول إلى اسم “أميسوم” أو “المحاربة”.رواية رابعة أعطت لقصة “يمّا قورايا” بعدا عاطفياً وأسمتها “المرأة العاشقة”، وهي من الروايات الأمازيغية التي لازالت رائجة أيضا في المدينة.
وتذكر بأن “قورايا” كانت فتاة يتيمة وطاهرة تقيم في إحدى قرى بجابة مع والدها، الذي حاول تزويجها من رجل لا تعرفه، ولجأت بعد ذلك للاحتماء بقمة جبل وهي تتضرع الله أن يخلصها من ذلك العريس، وبقيت في ذلك المكان إلى أن ماتت، ليتحول ذلك الجبل إلى مقصد للزوار والسائحين ويأخذ اسمها منذ عدة قرون.المحمية الطبيعية
وتجلب قمة “جبل يمّا قورايا” آلاف السياح من الجزائر وخارجها، فهي أيضا محمية طبيعية تبلغ مساحتها 2080 هكتار، وهي موطن أيضا لحيوانات نادرة بينها “قرود المكاك البربري” و”ابن آوى الذهبي” وغيرها.وبها أيضا بحيرة جميلة تبلغ مساحتها 2.5 هكتار وعمقها نحو 18 مترا، وتحيط بها مجموعة كبيرة من النباتات النادرة والطيور المهاجرة.

Exit mobile version