Site icon العربي الموحد الإخبارية

أبو حيان التوحيدي .. الفيلسوف والأديب الكبير

اسمه ونسبه:-

هو علي بن محمد بن العباس التوحيدي ، البغدادي، الشيرازي، وقيل: النيسابوري، الصوفي الشافعي.

ولِدَ التوحيدي في أواخر العقد الثاني أو أوائل العقد الثالث من القرن الرابع الهجري، غير أن وجوده لا يبدأ قبل منتصف هذا القرن بكثير، وأول شهوره كان في بخارى سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة، وفيها قابل أبا العباس البخاري.

كنيته:-

يُكنَّى “بأبي حيان” كنية شهرة حتى أن الصَّاحِب بن عباد قد استغربها وسأله عنها وعمن عُرف بها من قبل.

مولده ولقبه:-

والتوحيدي نسبة إلى التوحيد (بفتح التاء المثناة من فوقها، وسكون الواو، وكسر الحاء المهملة، وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها دال مهملة) ولم يتعرض لها أحد ممن ألف في الأنساب، كما قال ابن خلكان في “وفيات الأعيان”.

ابن خلكان .. صاحب "وفيات الأعيان"
ابن خلكان .. صاحب “وفيات الأعيان”

أما بعض الروايات؛ فتفيد بأنه حَمَلَ هذا اللَّقب لأنَّ والده كان يعمل في بيع أحد أنواع التمور التي كان يُطلق عليها اسم “التوحيد”.

خلافٌ حول أصله:-

من الصعوبة بمكان تحديد أصل أبي حيان التوحيدي خصوصاً وأنه غاب ذكره عن معظم كُتَّاب مترجمي الرجال، لدرجة أن ياقوت الحموي يقول عنه في معجم الأدباء: “إن أحداً لم يذكره في كتاب ولا دمجه في خطاب”، غير أن الحموي يميل إلى أن أبا حيان كان فارسي الأصل.

وفي المقابل، فإن عبد الرحمن بدوي يقول في مقدمته على كتاب أبي حيان: “إن التوحيدي من الموالي الذين اختلطت فيهم الدماء والعناصر، فكونت مزيجاً غريباً، على أنه كان يشعر بواشجة قربى مع الغرباء والأفَّاقين، حتى كان لا يخالط إلا الغرباء والمجتدين الأدنياء الأردياء، وما هذا الإ لشعوره بأنه واحد منهم، إذ كان يرتد إليهم، مهما زجره عن ذلك زاجر من كبار القوم”.

البعض يميل إلى أنه عربي، ذلك لأن كتاباته لا توحي بما يشير إلى أنه فارسي، كما أنه لم يمُت بصِلة نسبه إلى بلاد فارس رغم زيارته لها في القرن الرابع الهجري، وكتابته رسالة “في العلوم” موجها إياها إلى الفارسيين.

وفي معرض إجابته الوزير الفارسي ابن العارض الشيرازي، حينما سأل الأخير التوحيدي: “أتفضِّل العرب على العجم، أم العجم على العرب”؟، فيجيب أبو حيان مستعيراً من كلام ابن المقفع (الفارسي الأصيل) الذي يقول فيه: إن العرب “أعقل الأمم، لصِحَّة الفطرة، واعتدال البنية، وصواب الفكر، وذكاء الفهم”.

شخصية أبي حيان التوحيدي:-

عاش أبو حيان التوحيدي طفولة معذبة في صغره، وليعوض حرمانه؛ التجأ إلى التحصيل العلمي عله يجد فيه تعويضاً، وكان شغفه بالمعرفة كبيراً، حيث قال عنه الحوفي: “كان دائم الظمأ إلى مواردها على اختلاف مذاقها”. وامتهن حرفة الوراقة فوجد نفسه قريباً من الكتب.

لمحات من حياته:-

  • عاش طفولة معذبة، ما دفعه للجوء إلى الدرس والتحصيل، ليعوض ما فاته من نعِم الحياة.
  • لجأ منذ وقت مبكر إلى مهنة الوراقة، حيث كان ينسخ الكتب مقابل أجر ضئيل، وقد ظل مغموراً في مجال الأدب، وذلك لأنه كان يظلُ لساعاتٍ طويلة وهو يقوم بنسخ الكتب.
  • مهنة الوراقة أتاحت له الاطلاع على قدر هائل من الكتب، الأمر الذي عزز من مخزونه الثقافي والمعرفي، وساهم في توسيع مداركه، وصولاً إلى مرحلة النهم في طلب العلم، والحِرص على ارتياد مجال العلماء والأدباء والمفكرين.
  • أمضى الشطر الأكبر من حياته في بغداد، وذلك على الرغم من تنقله غير مرة إلى الري وشيراز ونيسابور.

شيوخ أبي حيان التوحيدي:-

أخذ أبو حيان علومه على مشاهير علماء زمانه، كالنحو والكلام والمنطق، والزهد وفنوناً أخرى ومن هؤلاء: أبو سعيد السيرافي (284هـ_368هـ)، وعلي بن عيسى الرماني (276هـ_384هـ)، كما أخذ عن المروروذي، ويحيى بن عدي (ت364هـ) الذي كان يرى “أن النحو واللغة والشعر لا تدخل في العلوم، وأخذ عن أبي سليمان المنطقي (ت390هـ) وقد عرف أبو سليمان بآراء بديعة سواء في الشعر أم في النثر، وقد أورد له التوحيدي رأيه القيم في النثر والنظم، “بأن في النظم ظل النثر وفي النثر ظل النظم”.

ويعتبر أبو سليمان من أكبر علماء بغداد في عصر أبي حيان في المنطق والحكمة والفلسفة، كان مجلسه حافلاً بالعلماء والحكماء.

ابن جبير يصف مدارس بغداد بعد قرون من وفاة أبي حيان

تأثره بالثقافة اليونانية:-

تتلمذ أبو حيان على يد مجموعة من نقلة ومترجمي الكتب اليونانية، الذي تأثر بهم و بمحتويات المؤلفات التي قاموا بترجمتها والتي اطلع عليها بشكل واسع، ومن أبرز هؤلاء المترجمين:

  • أبو بشر متى بن يونس القنائي.
  • أبو زكريا يحيى بن عدي المنطقي.
  • أبو علي إسحاق بن زرعة.
  • أبو الخير بن الحسن بن الخمَّار.

آثار أبي حيان:-

يجمع الباحثون على أن التوحيدي كان غزير الإنتاج، حريصا على النقل أو الرواية، شغوفاً بالبحث والجدل، وتنوعت كتبه في الأدب والنحو والكلام والفقه والتصوُّف والفلسفة واللغة، غير أن حادثة إحراقه لكتبه في أواخر أيام حياته قد حالت دون توفر الكثير من مصنفاته إلينا.

كتب التوحيدي:-

وقد أورد ياقوت الحموي في معجمه أسماء بعض كتب التوحيدي والبالغة 18 كتابًا، منها:

  • الصداقة والصديق.
  •  الإمتاع والمؤانسة.
  •  مثالب الوزيرين والبصائر.
  •  الذخائر.
  •  المحاضرات والمناظرات.

 كما أخذ عن غير هؤلاء ممن يأتي ذكرهم في مواضعهم من هذا البحث.

مؤلفات التوحيدي:-

أول ما نشر من كتب التوحيدي رسالتان: الأولى في الصداقة والصديق، والثانية في العلوم.

وفيهما تعرف الناس على إنتاج أبي حيان، وقد جمع في الرسالة الأولى معظم ما كتب عن الصداقة والصديق شعراً ونثراً في مختلف العصور والأجناس كاليونان والفرس والعرب في الجاهلية والإسلام، وحتى العجم أيضًا وقد ألف التوحيدي هذا الكتاب في مرحلة متأخرة من حياته، بطلب من ابن سعدان.

أما الكتاب الثاني؛ فهو (المقابسات) ويحتوي على 106مقابسات أو محاورات بين العلماء؛ وتنوعت موضوعات المقابسات، فمن العلة والمعلوم والمكان والزمان إلى الخالق والمخلوقات في المجال الفلسفي والمواضيع النفسية والأخلاقية وتباين الأخلاق لدى الإنسان وكتمان السر وإفشائه، وحديث النفس، بالإضافة إلى الشعر والنثر وعلاقة النحو بالمنطق.

وهذا ما جعل الباحثين في كتابات التوحيدي يصفون المقابسات بمتحف فكري عجيب.

وأما الكتاب الثالث؛ فهو (الإمتاع والمؤانسة) الذي اطلع بتحقيقه أحمد أمين، وأحمد زين. وقد ظهر هذا
الكتاب في ثلاثة أجزاء صدرت في السنوات 1939 إلى 1944على التوالي.

وقد أحصينا، ونحنُ جماعة في الكَرْخِ، أربعمائة وستين جارية في جانبي بغداد، ومائة وعشرين حُرَّة، وخمسة وتسعينَ من الصِّبيان البدور، يجمعونَ بينَ الحذف والحُسْنِ والظَّرْفِ والعِشْرَة، هذا سُوى من كُنَّا لا نَظْفَرُ بهِ ولا نصلُ إليهِ لعزَّتِهِ وحرسِهِ ورُقبائهِ، وسوى ما كُنَّا نسمعُهُ ممن لا يتظاهَرُ بالغِناءِ وبالضَّرْبِ، إلَّا إذا نشط في وقت، أو ثمَل في حالٍ، أو خلعَ العِذَار في هوىً قد حَالَفَهُ وأضناهُ.

— التوحيدي يتحدَّثُ عن تنامي أعداد الجواري المتخصِّصات بالغناء، واتخاذِ أصحابِهِنَّ لهُنَّ بيوتاً للسَّماعِ في الأحياء المُختلفة من بغداد في عصرِه.


كتاب مثالب الوزيرين:-

كتب هذا الكتاب في الوزيرين ابن العميد (كان وزيراً لركن الدولة بن بويه)، والصاحب بن عباد ( كان وزيراً
لمؤيد الدولة ثم وزيرا لأخيه فخر الدين)، حيث اتصل أبو حيان بالوزيرين، ومما قال فيهما”

“كان الصاحب بن عباد كثير المحفوظ، حاضر الجواب، فصيح اللسان، وقد نتف من كل أدب شيئاً، وأخذ
من كل فنٍ طرفاً، والغالب عليه كلام المتكلمين والمعتزلة، وكتابته مهجنة بطرائقهم ومناظرتهم، مشوبة
بعبارات الكتاب”.

ويقول في الثاني: ” كان ابن عباد شديد الحسد لمن أحسن القول، وأجاد اللفظ، وكان الصواب غالبا عليه،
وله رفق في سرد الحديث ونيقةٍ (تحسين وتوضيح) في رواية، وله شمائل مخلوطة بالدَّماثة بين الإشارة
والعبارة، وهذا شيء عام في البغداديين وكالخاصِّ في غيرهم.

اقتباسات من مقولات التوحيدي عن نفسه:-

  • يبدو أنه كان يُلمِّحُ لنفسه حينما قال:” وهكذا اشتد في طلب العلم تشميره، واتصل في اقتباس الحكمة رواحه وبكوره، وكانت الكلمة الحسناء أشرف عنده من الجارية العذراء، والمعنى المقوم أحب إليه من المال المكوم..”.
  • اهتمامه بالعلم؛ صَرَفَهُ عن الزواج وبالتالي الإنجاب، وما يدل على ذلك قوله إنه بقي طيلة عمره لا يجد حوله “ولداً نجيباً، وصديقاً حبيباً، وصاحباً قريباً، وتابعاً أديباً، ورئسياً منيباً”.
  • ويتحدث هنا عن فقره وحاجته واضطراره للكتابة وامتهان الوراقة لتحصيل المال قائلاً: “ولقد اُضطُرِرْتُ بينهم بعد العِشْرَةِ والمعرفة في أوقاتٍ كثيرةٍ إلى أكل الخُضَرِ في الصَّحْرَاءِ، وإلى التَّكَفُفِ الفاضِحِ عِنْدَ الخاصَّةِ والعَامَّة، وإلى بيعِ الدِّينِ والمُرُوءةِ، وإلى تعاطي الرِّياءِ بالسُّمْعَةِ والنِّفاقِ، وإلى ما لا يحسُنُ بالحُرِّ أن يرسُمَهُ بالقَلَم، ويطرحُ في قلبِ صاحبِهِ الألَم”.
  • عاشَ حياةً فقيرة، فقد نُقِلَ عنه قوله: ” لقد غدا شبابي هرماً من الفقر، والقبر عندي خير من الفقر”.
  • تعرَّض للأذى، كما انصرف الناس عنه، وذلك لقوله: ” لقد أمسيتُ غريب الحال، غريب اللفظ، غريب النحلة، غريب الخلق، مسأنساً بالوحشة، قانعاً بالوحدة، معتاداً للصمت، ملازماً للحيرة، محتملاً للأذى، يائساً من جميع ما ترى، متوقعاً لما لا بد من حلوله، فشمس العمر على شفا، وماء الحياة إلى نضوب، ونجم العيش إلى أفول، وظل التلبُّث إلى قلوص”.

آراء العلماء فيه :-

  • أقدَمَ كثير من الفقهاء على مهاجمة التوحيدي وزندقته، وذلك لما تحدث عنه في كتبه من توصيف وتشبيه للذات الإلهية.
  • وفي هذا الصدد؛ عدَّه ابن الجوزي أحد زنادقة الاسلام الثلاثة إلى جانب ابن الراوندي وأبي العلاء المعري، بل أنه اعتبر التوحيدي أكثرهم خطراً على الإسلام، ذلك لأن الآخرين صرحا بزندقتهما، بينما لم يفصح التوحيدي عن ذلك.
  • رماه الإمام الذهبي بسوء الاعتقاد واصفاً إياه بالضَّال الملحد..
  • وصفه ابن حجر العسقلاني قائلاً: “كان صاحب زندقة وانحلال”.
  • مؤرِّخ العراق محب الدين ابن النجَّار قال عن التوحيدي: ” كان صحيح الاعتقاد”.
  • وذهب تاج الدين السبكي نفس مذهب سابقه بالقول: “ولم يثبت عندي إلى الآن من حال أبي حيان ما يوجب الوقيعة فيه، ووقعت على كثير من كلامه، فلم أجد منه إلا ما يدل على أنه كان قوي النفس مزدرياً بأهل عصره”.
  • أحمد أمين يقدِّمه على الجاحظ ويعتبره أكثر عِلماً ويقول عنه: “إنه أجزل لفظاً، وأوسع علماً، لأن الجاحظ كان مسجل القرن الثاني على مافيه من ثقافة محدودة، وفي القرن الثاني كانت نشأة العلوم، وأبو حيان مسجل القرن الرابع، وقد نضجت العلوم، وشتَّان بين علم ناشئ وعلم ناضج”.
  • ويقول عنه خيري شلبي: “وهو مع ذلك فرد الدنيا الذي لا نظير له ذكاء وفطنة، وفصاحة ومكنة، كثير التحصيل للعلوم في كل فن حفظه، واسع الدراية والرواية، وكان مع ذلك محارفاً (محروماً) يتشكى صرف زمانه، ويبكي في تصانيفه على حرمانه”.

متصوف أم زنديق ؟

ينُظر إلى التوحيدي من عدة زوايا، فالبعض يعتبره أديباً كبيراً ، والبعض الآخر ينظر إليه كفيلسوف بارز،
وطرفٌ ثالث يعتبره زنديقاً، وآخر يراه متصوفاً.

فمن جانب؛ يقول عنه ابن الجوزي: “كان أبو حيان قليل الدين والورع عن القذف والمجاهرة بالبهتان،
وتعرَّض لأمورٍ جِسام من القدح في الشريعة، والقول بالتعطيل”.

من جانب آخر؛ يقول عنه ياقوت الحموي: “صوفي السمت والهيئة، متعبِّد، والنَّاس على ثقة من دينه، وابن
النجار يصفه بأنه كان فقيراً متديناً، صحيح العقيدة”.

الرحّالة الأديب ياقوت الحموي من أشهر جغرافي الحضارة الإسلامية، جمع بين العلم والأخلاق والاستقامة وكان نابغة عصره، ويعد مصنفه معجم البلدان أفضل مرجع جغرافي..

وفي المقابل، فإن للتوحيدي مقولات تُظهره بمظهر المؤمن المتصوف الموحد، من قبيل الدعاء الذي يقول فيه: اللهم خُذ بأيدينا فقد عثرنا، واستر علينا فقد أعورنا، وارزقنا الأُلفة التي تصلح القلوب، وتنقَّي الجيوب، حتى نتعيَّش في هذه الدَّار مصطلحين على خير، مؤثرين للتقوى، عاملين بشرائط الدِّين، آخذين بأطراف المروءة، آنفين من ملامسة ما يقدح في ذات الدِّين، متزودين للعاقبة التي لا بد من الشُّخوص إليها، ولا محيد عن الاطلاع عليها، إنَّكَ تُؤثر من تشاء ما تشاء”.

سبب إحراقه كتبه:-

  • جفاء الناس له وانصرافهم عنه.
  • اعتقاده بأن أحدا لا يُقدِّركتبه بعد وفاته.
  • شعوره باليأس، إذ لم تفض هذه مؤلفاته إلى اكتسابه تقدير النَّاس، وهنا يقول وتبدو عليه العلامات
    النفسية السيئة:” لقد كلَّ البصر، وانعقد اللسان، وجمد الخاطر، وذهب البيان، وملك الوسواس،
    وغلب اليأس، من جميع النَّاس”.
  • أما الكتب التي نجت من هذه المحرقة؛ فيقول عنها الإمام السيوطي: “لعل النسخ الموجودة الآن من
    تصانيفه كُتِبت عنه في حياته وخرجت عنه قبل حرقها، وبما كان لاشتغاله بالنَّسِخ وتأليفه كتبه وتقديمها إلى بعض رؤساء عصره، أملاً في مجازاته عليها سبباً في بقاء العديد منها ونجاتها من الحرق”.
  • وفي هذا الصدد: قال ياقوت الحموي: “أحرَقَ كتبه في آخر عمره لقلَّة جدواها، وضنَّا بها على من لا يعرف قدرها بعد موته”.
  • يقول التوحيدي إن في إحراقه كتبه أسوة بأئمة يقتدى بهم، ويؤخذ بهديهم، ويعشى إلى نارهم، منهم:
    أبو عمرو بن العلاء، وكان من كبار العلماء مع زهدٍ ظاهر وورع معروف، دفن كتبه في بطن الأرض فيم يوجد لها أثر.
  • ويضيف : وهذا شيخنا أبو سعيد السيرافي سيد العلماء قال لولده: ” قد تركتُ لكَ هذه الكتب تكتسب بها خير الأجل، فإذا رأيتها تخونك؛ فاجعلها طعمةً للنَّار.
عمد إلى حرق كتبه

وفاة أبي حيان التوحيدي :-

تضاربت آراء من ترجموا للتوحيدي في تحديد سنة وفاته، فمنهم من جعلها سنة (360هـ)، وهذا غير صحيح
بدليل أن التوحيدي أحرق كتبه سنة (400هـ) ورسالته إلى القاضي أبي سهل سنة (400هـ)، ومسودة الصداقة والصديق، وقد أحرق التوحيدي كتبه عام (400هـ).

 كما ذهب البعض إلى أنه توفي في مطلع القرن الخامس الهجري، إلا أن الظاهر أن الأجل مدد به إلى العام
الرابع عشر من القرن الخامس إذ توفي وعمره (104) أعوام؛ وذكر آدم متز أن التوحيدي توفي سنة 400هـ،
وهذا أبعد عن التصديق لأن الدلائل الأخرى من التوحيدي، وغيرها ترجح أنه توفي سنة (410هـ).

 وروى فارس بن بكران الشيرازي ـ وكان من أصحاب التوحيدي في الساعات الأخيرة من حياة صاحبه – فقال:
لما احتضر أبو حيان كان بين يديه جماعة فقالوا :اذكر ﷲ، هذا مقام خوف، وكل يسعى لهذه الساعة،
وجعلوا يذكرونه ويعظونه، فرفع رأسه إليهم وقال :كأني أقد على جندي أو شرطي، إنما أقدم على رب غفور وقضى.

أي توفاه ﷲ (وفي هذه العبارة الأخيرة لفتة إلى نفسيته ومزاجه، فحتى وهو على فراش الموت يتحدث
بصدق وقوة وأنس لمن سيلاقيه. وهو ما سيكون لنا مفتاحًا لمعرفة مكامن الأنس ومعطياته عند أبي حيان لاحقاً).

وحول حياة التوحيدي؛ أنتج مسرحيون عراقيون سنة 2007م، عملا مسرحياً استعراضياً بعنوان (أبو حيان التوحيدي) وتم عرضه في عدة محافل دولية وفي بلدان مختلفة.

المصادر:-

  • الإمتاع والمؤآنسة، مقدمة المحقق هيثم خليفة الطعيمي.
  • أبو حيان التوحيدي ، فيلسوف الإدباء وأديب الفلاسفة، أحمد عبد الهادي.
  • أبو حيان ناقداً لكلالي مسعود.
  • أبو حيان التوحيدي أديب الفلاسفة وفيلسوف الأدباء لزكريا إبراهيم.
  • أبو حيان التوحيدي لإبراهيم الكيلاني.
  • ظهر الإسلام، أحمد أمين.

https://alchetron.com/Brethren-of-Purity#brethren-of-purity-0aeec487-c15b-4b6a-bd5f-68d5babdb29-resize-750.jpeg

Exit mobile version