Site icon العربي الموحد الإخبارية

“لادا”.. قصة سيارة روسية عشقها المصريون وأنقذها الفرنسيون

عاشت السيارة “لادا” الروسية، قصة درامية منذ تأسيسها عام 1966 حتى الآن، شهدت خلالها نموا في المبيعات ثم أزمات هددت وجودها.
كانت “لادا” هي العلامة التجارية الوطنية للسيارات في روسيا، وظلت سياراتها ناجحة بشكل كبير في بلدها رغم طرازاتها القديمة، وذلك حتى عام 1998، ثم بدأت في التراجع تدريجيا، حتى باعت الشركة الأم “أوتوفاز” حصة منها لشركة “رينو” الفرنسية، عام 2008.
وعشق المصريون السيارة “لادا” الروسية، وأضحت سيارتهم المفضلة ذات الشعبية في أوساط المجتمع المصري لما تتمتع به من قوة وجودة، وسعرها المناسب، وتصميمها المتين، ومحركها البسيط، والسهل، بالإضافة إلى قطع غيارها المتاحة في الأسواق.
بداية القصة لادا Vaz 2101
وتمثل “لادا” علامة تجارية روسية مملوكة من قبل شركة صناعة السيارات “أوتوفاز”، ومقرها في مدينة تولياتي الروسية، وتأسست في أوائل الستينيات من القرن العشرين، وكانت بدايتها تجميع بعض سيارات فيات الإيطالية بموجب شراكة بين الطرفين.

وأنتجت شركة “أوتوفاز” سيارة لادا Vaz 2101 ، التي عُرفت في السوق الإنجليزية باسم “لادا ريفا” عام 1970، وهي نسخة مُعدلة من السيارة الإيطالية فيات 124 موديل 1966، لكنها ظلت تبيع السيارة بالإمكانات نفسها تقريبا حتى تسعينيات القرن الماضي، وفقا لموقع “أوتو كار”.
قصة شعار قارب “الفايكنج” لنهر النيل
هكذا خرجت السيارة إلى الوجود تحت اسم وشعار العلامة التجارية “Lada”، المشتق من أحد أنواع المراكب الشراعية التي شاع استخدامها من قبل الروس القدماء.

وقصة شعار لادا، عبارة عن شكل بيضاوي تضمن بداخله أحد القوارب.. أشار الكثيرين إلى أن هذا القارب، هي واحدة من قوارب “الفايكنج” الروسية، والتي كان يُطلق عليها “لادا” قديمًا.ويبدو، أن هذا القارب أبحر من نهر الفولجا الروسي، حتى استقر على ضفاف نهر النيل.
لماذا يفضلون لادا؟
ووجد المصريون ضالتهم في سيارة “لادا” الروسية، التي أضحت سيارتهم المفضلة ذات الشعبية في أوساط المجتمع المصري لما تتمتع به من قوة وجودة، وفي ذات الوقت يمكن شراؤها بأسعار مناسبة، مع تصميم متين يتحمل الطرق السيئة والمطبات الصناعية، بالإضافة إلى قطع غيارها المتاحة في الأسواق، التي كانت موضع نكتة شائعة بشأن إمكانية العثور عليها في “السوبرماركت”، وذلك في إشارة إلى توافرها.

وثمة سبب آخر وليد الصدفة لهذه العالقة الوطيدة التي جمعت المصريين بالسيارة الروسية، وهو أن ندرة ورش إصلاح السيارات في الاتحاد السوفيتي، دفعت المصنعين إلى تزويد سيارات “لادا”، بمحرك بسيط وسهل، بحيث أن السائق لا يحتاج إلى ميكانيكي إصلاحها، بل يستطيع أن يتولى هو هذه المهمة بيسر وأريحية.
 وهذا الأمر لم يرِض جيوب المصريين فحسب، بل كان في المقام الأول يتماشى مع أهوائهم الشخصية، فمن أهم هوايات الرجل المصري إصلاح الأعطال في أي مجال.وبرغم بساطة التصميم وثبات المواصفات والتقنيات لسنوات طويلة ظل عملاق صناعة السيارات الروسية “أتوفاز”، الشركة المالكة للعلامة التجارية “لادا”، صامدًا في وجه تغيرات السوق المصرية.وحصلت سلسلة سيارات “لادا” الكلاسيكية، وأشهرها من طراز “لادا ريفا”، على حصة كبيرة من السوق في سنوات الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين، كما امتلكت مصر، خطوط إنتاج لبعض موديلات العلامة التجارية منها “لادا 2107″، و”لادا جرانتا”.
وحتى بعد إعلان الشركة الأم عن وقف إنتاج سيارة لادا الكلاسيكية “2107 “، بشكل نهائي عام 2012، تم السماح لمصر بالاستمرار في إنتاج السيارة، وتقديمها للسوق المحلية لفترة من الوقت، بعد وقف الإنتاج العالمي، وذلك بسبب إقبال المصريين على شرائها.

ومن المفارقات أن سيارة “لادا” المفضلة في بلد الثلوج بسبب تحملها الصقيع السيبيري، تحولت إلى معشوقة المصريين الذين يعيشون في أرض الشمس الساطعة ودرجات الحرارة المرتفعة، ولذلك اعتاد أهل المحروسة على مشاهدة أحد ملاك “لادا” يقف أمام سيارته المعطلة بسبب السخونة، وارتفاع درجة الحرارة، ويقوم بفتح غطاء المحرك في محاولة لتبريده في أسرع وقت.
الإنقاذ الفرنسي من “رينو”
كانت “لادا” هي العلامة التجارية الوطنية للسيارات في روسيا، وظلت سياراتها ناجحة بشكل كبير في بلدها رغم طرازاتها القديمة، مستفيدة من الأزمة المالية الروسية عام 1998، والتي أدت إلى ارتفاع أسعار السيارات المستوردة، وساعدت لادا على زيادة هيمنتها على السوق.إلا أن قوة لادا بدأت في التراجع تدريجيا على مدى السنوات الـ10 اللاحقة، على الرغم من أنها عملت في تلك الفترة على إطلاق نماذج جديدة من سياراتها، وهو ما دفع الشركة الأم “أوتوفاز” إلى بيع حصة منها عام 2008 لشركة رينو الفرنسية.
كانت هذه الشراكة مع رينو نقطة تحول في حياة “لادا”، حيث ساعدت “أوتوفاز” على تجاوز آثار الأزمة المالية العالمية التي ضربت اقتصادات العالم بعد فترة وجيزة خلال العام نفسه، رغم أن “أوتوفاز” احتاجت في النهاية إلى خطة إنقاذ من الحكومة الروسية للبقاء على قيد الحياة.ولاحقا، قاد الفرنسيون إحياء معظم العلامات التجارية لشركة السيارات الروسية “أوتوفاز”، وساعدت شركة رينو سيارة لادا في تطوير سيارة “لادا جرانتا” عام 2011، وهي سيارة سيدان صغيرة سرعان ما أصبحت الأكثر مبيعا في روسيا وأكثر سيارات لادا رواجا.
وفي 2012، استحوذت رينو على حصة مسيطرة في “أوتوفاز” رغم أن حصة الشركة في السوق الروسية كانت تتقلص تدريجيا لصالح شركات أجنبية مثل كيا، وهيونداي، وهو ما دفع لادا إلى تبني نماذج أكثر جرأة لسياراتها.
وفي 2015 أطلقت الشركة سيارتها “لادا فيستا”، وهي سيارة متوسطة الحجم، ثم في 2016 أطلقت سيارتها الرياضية “إكس راي” التي صممت على أساس شاسيه سيارة داتشيا داستر، وكانت كلتا السيارتين من أعمال المصمم البريطاني الكبير ستيف موتين، وظهر التصميم جريئا ومتنوعا.وشهد عام 2017 استحواذ رينو على الملكية الكاملة في “أوتوفاز” وتمكنت الشركة الروسية من زيادة حصتها في السوق إلى حوالي 20% بعد أن باعت نحو 312 ألف سيارة في روسيا بزيادة 17.9% مقارنة بـ2016، وعادت لتحقيق الأرباح مدعومة بنمو ملحوظ في الطلب على السيارات في السوق الروسية بعد انخفاض طويل.
وتعمل لادا حاليا على إنتاج 8 طرازات جديدة وإجراء تعديلات على 9 طرازات أخرى بحلول عام 2026.

Exit mobile version