Site icon العربي الموحد الإخبارية

خطيب الحرم يرثي “اللحيدان” بأبيات مؤثرة ومواقف للراحل أحدها مع الملك فهد

عبر إمام وخطيب المسجد الحرام وعضو هيئة كبار العلماء، الشيخ صالح بن حميد، عن مدى تأثره وحزنه لوفاة رئيس المجلس الأعلى للقضاء سابقاً وعضو هيئة كبار العلماء، الشيخ صالح اللحيدان، إذ قال راثيًا شيخه الكبير:
أظلمت بعده الديار وقدكان سراجاً بها وبدراً منيراً* * * *إلى الله أشكو لا إلى الناس فقدهولوعة حزن أوجع القلب داخله
وأضاف أن “اللحيدان” كان لا تأخذه في الحق لومة لائم، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، لا يتأخر في شفاعة، ولا يتوانى عن مساعدة، ذا خبرة واسعة في الدين والدنيا.. ترى في شخصيته النزاهة حين يجملها العلم، وتبصر فيه الإدارة حين يكسوها العقل والخبرة.
وتابع: “لقد رسم القدوة للمسؤولين من بعده -كبارهم وصغارهم- في التبكير إلى الصلاة، فلا يكاد يؤذن المؤذن إلا وهو في مصلاه في الصف الأول، ومع أن هذا من أعظم المسؤوليات والواجبات لكنه لم يؤثر أبداً على عمل الشيخ وحفظه لوقت العمل، فهو من أوائل من يدخلون مكاتبهم إن لم يكن أولهم، ومن آخر من ينصرفون إن لم يكن آخرهم، فضلاً عن اصطحابه لأعماله التي لم يتم إنجازها في المكتب لينجزها خارج وقت الدوام”.
ويعدد بن حميد بعضًا من مناقبه، منها، أنه دخل عليه أحد القضاة، عندما كان رئيسًا لمجلس القضاء، وقد تعرض لحادِث مروري مروع، طالباً تمديد إجازته بسبب هذا الحادث، فسأل الشيخُ القاضيَ عن أحواله فأجابه بما يسر الحال، فدقق الشيخ في الأسئلة، والقاضي ظن أنه يريد أن يرى هل هو مستحق لتمديد الإجازة، ولكن مراد الشيخ غير ذلك، إذ أدرك الشيخ أن القاضي قد تلفت سيارته بالكامل، فما كان من الشيخ إلا أن اتصل بإحدى وكالات السيارات وعمدهم بصرف سيارة للقاضي، فاغرورقت عينا القاضي بالدموع حامداً الله شاكراً أن كان على رأس القضاء مثل هذا العلَم الشامخ.
ويروي إمام الحرم المكي واقعة أخرى، إذ عُرِضَ على الملك فهد معاملةٌ يرغب فيها صاحبها إصدار أمره بإعادتها لمجلس القضاء لإعادة النظر في بعض وقائعها وأحداثها، فرفض الملك وأظهر تضايقه وقال: “ما يصل إلينا من الشيخ صالح لا يُراجع، فهو أدرى بعمله، ثم أثنى ثناءً عاطراً على الشيخ -رحمهم الله جميعاً”.
ويواصل الشيخ بن حميد، رثاءه لشيخه وأستاذه:
مات اللحيدان فالأرواح تبكيهوذاك مسجده ناحت نواحيهمات اللحيدان ركن العلم في وطنيقوموا إلى العلم يا قوم نعزيه* * * *إن العظيم وإن توسد في الثرىيبقى على مر الدهور مهيباً* * * *ولفقده في كل قلب لوعةٌولذكره في حمده ترديدفزوال ذاك الطود بعد ثباتهينبيك أن الراسيات تبيد.
واختتم إمام الحرم مرثيته: “ومع كل هذه الحسرة على فقد أهل العلم والأسى لفراقهم، فلا يأس ولا قنوط، فالخير في هذه الأمة إلى يوم القيامة، وقد مات سيد الخلق، وقدوة العلماء، وإمام الأتقياء، ومن بعده أصحابه النجباء، ثم من تبعهم بإحسان من النبلاء، ولم يزل دين الله باقياً وشأنه ظاهراً، ولا يزال أهل الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم”.

Exit mobile version