Site icon العربي الموحد الإخبارية

فندق المشاهير وزعماء المافيا.. “ناسيونال” يتعافى من كورونا

عاد السياح الأجانب إلى فندق المشاهير، وزعماء المافيا “ناسيونال” في هافانا، الشهر الماضي، بعد سبات الجائحة.
ولم تكن الحركة تهدأ في فندق “ناسيونال” التاريخي، في هافانا خلال مسيرته الممتدة 91 عاماً، والذي يعتبر معلما في العاصمة الكوبية، وشاهداً على أحداث تاريخية كأزمة الصواريخ، وقمة المافيا.
 وأقام في الفندق شخصيات شهيرة متنوعة، كخياطات النظام، ونجوم هوليوود بتصرفاتهم الغريبة، لكنّه قلّما عرف وحدة كتلك التي عاشها خلال جائحة كوفيد-19.واستفاد الفندق الشهير، الذي يضم أكثر من 400 غرفة من فرصة توقف نشاطه لتجميل نفسه، فرمم واجهته، وبدّل أرضياته، وجدّد حمام السباحة، واستبدل بعض نوافذه، ومنها تلك الخاصة بالغرفة الشهيرة 211 في الطبقة الثانية منه، وذلك حسب وكالة فرانس برس.

وهذه الغرفة الشهيرة هي التي أقام فيها زعيم المافيا الإيطالية بأمريكا لاكي لوتشيانو، في ديسمبر/كانون الأول 1946، خلال قمة لرؤساء المافيا الإيطالية الأمريكية عُقدت برئاسته.
 وخلّد هذه القمة، عام 1974 فيلم “ذي جود فاذر 2” لفرانسيس فورد كوبولا، حيث يبدو زعماء العصابات وهم يتقاسمون كعكة مزينة برسم لجزيرة كوبا، وفي الوقت نفسه يتوزعون الأنشطة غير القانونية.وأقام نحو 500 من رجال العصابات في الفندق يومها للمشاركة في المؤتمر، وكان ضيف الشرف المطرب الأمريكي الشهير، فرانك سيناترا، الذي أحيا بصوته الحفلات الفخمة في عيد الميلاد من تلك السنة.

وتشرح المتخصصة في تاريخ الفندق ارلين أورتيز أن “لاس فيجاس لم تكن موجودة، وكانت كوبا المكان المثالي لألعاب الميسر، لقربها من الولايات المتحدة، ومناخها، وشواطئها، ومشروب الروم” فيها.
مشاهيروهذا المبنى الضخم الواقع على كورنيش ماليكون الشهير، قبالة خليج هافانا، وهو على شكل حرف H، فتح أبوابه في 30 ديسمبر /كانون الأول 1930، بتمويل جزئي من عصابات الجريمة المنظمة.
 وتميز الفندق بأرضيات من البورسلين الإنجليزي، لا تزال إلى اليوم سليمة، وبساعات الحائط المستوردة من ألمانيا، وبثرياته المتدلية من الأسقف العالية.

وترى أورتيز أن الأشغال التي أجريت خلال مرحلة توقف عمل الفندق بفعل إغلاق الحدود ستتيح “للسياح إعادة اكتشاف فندق ثلاثينات القرن العشرين، من خلال إعادة الحياة إلى الماضي، مع توفير راحة أكبر” للنزلاء.وقد ترك الماضي ندوباً على المبنى الحجري، والخرساني تذكّر بمحطات تاريخية، بينها ثقوب الرصاص التي اخترقت واجهته خلال انقلاب عسكري شهدته كوبا عام 1933، وفي الحدائق شبكة الأنفاق التي تعود إلى أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962.
وعندما انتصرت ثورة فيدل كاسترو عام 1959، تحول الفندق لبعض الوقت إلى عنبر للنوم، وورشة عمل لـ 900 امرأة قروية أتين إلى العاصمة لتعلّم الخياطة.وتلاحظ أورتيز أن “هؤلاء الشابات اللواتي لم يكنّ يوماً غادرن بيوتهن ذات الأرضيات الطينية والتي تفتقر إلى التيار الكهربائي”، وجدن أنفسهن فجأة في هذه الغرف والقاعات الأنيقة.
وكانت هذه المرة الوحيدة التي لم يستقبل فيها “ناسيونال” خلال تاريخه نزلاء أجانب في ديكوره المنتمي إلى أسلوب فن الآرت ديكو المطعّم بالكلاسيكية الجديدة، باستثناء فترة الإقفال الطويلة خلال تسعينات القرن الفائت بسبب عملية تجديد شاملة.وتتوزع في ممرات الفندق، وغرفه صور، وأغراض، وحتى رسائل من زبائن بارزين استحق عنها الفندق إدراجه منذ عام ضمن برنامج ذاكرة العالم في اليونسكو.
وعلى جدران الفندق، خُلِّدَت ذكرى إقامة قائمة طويلة من المشاهير فيه، بينهم الممثلون مارلون براندو، وإرول فلين، وجوني وايسمولر، وريتا هايوورث، وآفا غاردنر، وعازف البيانو نات كينغ كول، والكتاب جان بول سارتر، وإرنست همنغواي، وغابرييل غارسيا ماركيز، أو حتى رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل، الذي كان من أشد هواة السيجار الكوبي.
وتقول سييرا، وهي معلمة أمريكية تبلغ 39 عاماً، وهي تنظر من الفندق إلى خليج هافانا المقابل “لوجودي هنا مفعول السحر.. أحب الطاقة التي يولّدها هذا المكان (…) أود أن أعرف المزيد عن الفندق وتاريخه”.
أما تانيا فرنانديز، وهي طبيبة من مقاطعة في وسط الجزيرة، فاصطحبت أولادها لزيارة هذا المكان التاريخي، فترى أن “عدد الفنادق الحديثة (في كوبا) غير مهم، فما يريده السياح الأجانب هو الجلوس في الفندق الذي أقام فيه الكثير من المشاهير”.

Exit mobile version