Site icon العربي الموحد الإخبارية

أعدمه شعبه بالرصاص.. الذكرى الـ32 لإعدام نيكولاى تشاوشيسكو

نيكولاي تشاوتشيسكو هو أحد أبرز الطغاة في تاريخ أوروبا الحديث، تعتبر فترة حكمه نقطة سوداء في تاريخ رومانيا، أطلق على نفسه ألقاباً لا نهاية لها، بداية من القائد العظيم ، مروراً بدانوب الفكر، وليس انتهاءاً بالعبقرى الذى يعرف كل شيء، إنه نيكولاى تشاوتشيسكو الديكتاتور المصاب بجنون العظمة.

 

نيكولاى تشاوتشيسكو ؟

 

رئيس سابق لرومانيا ، تولى الحكم من عام 1974 م وحتى 1989 م، لطالما سبق اسمه لقب الديكتاتور، لطغيانه وبطشه خلال فترة حكمه، بالإضافة إلى انه تسبب في جعل رومانيا أكثر الدول فقراً في أوروبا بسبب سياسته في الحكم.

 

ولد نيكولاي تشاوتشيسكو في السادس والعشرين من يناير 1918 م بمدينة ترجوفيشت بجنوب رومانيا، نشأ في عائلة فقيرة لذلك لم يستطع إكمال تعليمه وتوقف عند المرحلة الابتدائية، وعندما بلغ الحادية عشر من عمره سافر إلى بوخاريست بحثاً عن عمل، وهناك عمل كصانع أحذية لسنوات.

 

نيكولاى تشاوتشيسكو

 

وصوله للحكم

 

في عام 1932 م خطى تشاوتشيسكو أولى خطواته في عالم السياسة، وذلك بانضمامه إلى حزب العمال والحزب الاشتراكي الذي كان محظوراً آنذاك، فتم القبض عليه وقضى عامين ونصف في سجن دوفتانا سيء السمعة، حيث تعرض للعنف وللاعتداء الجسدي، وقد تركت هذه الفترة التي قضاها في السجن علامة في تشاوتشيسكو واضحة في تلعثمه الدائم.

 

وتعد النقطة الأهم في مرحلة السجن هى مقابلته لجيورجيو – ديج أحد أهم الزعماء الثوريين آنذاك، والذي كان بمثابة نهل لتشاوشيسكو حيث تعلم على يده مبادئ وأصول الشيوعية.

 

لم يكمل تشاوتشيسكو فترته في السجن، فقد استطاع الهرب أثناء الغزو السوفيتي لرومانيا عام 1944 م، وخلال فترة قصيرة لا تتعدى العام كانت رومانيا خاضعه للحكم الشيوعي ، وبدأ تشاوتشيسكو تسلق سلم السلطة، وبحلول عام 1945 م أصبح تشاوتشيسكو عميداً في الجيش الروماني، وفي عام 1965 م أصبح السكرتير التنفيذي للحزب الشيوعي، ليصبح بعدها بسنوات قليلة حاكماً للبلاد، وذلك في عام 1974 م.

 

رومانيا خلال فترة حكمه

 

تعتبر فترة حكم تشاوتشيسكو فترة مظلمة ونقطة سوداء في تاريخ رومانيا، حيث تحولت إلى أكثر بلاد أوروبا فقراً، كانت فترة صعبة في مختلف جوانبها، بداية من الجانب الاقتصادي والاجتماعي للشعب، وحتى الجانب السياسي.

 

فقد تبددت كل الوعود والآمال العراض التي عاشها الشعب في سراب الشيوعية، لم ينته الفقر ولم تختف الطبقية، بل بالعكس ازداد الحال سوءاً، فقد اتبع تشاوتشيسكو سياسة التقشف في إدارة البلاد، فأصبح الحصول على الحاجات الأساسية أمراً صعباً يتطلب الكثير من العناء، وربما كان مستحيلاً في أحيان أخرى، وصلت سياسته في التقشف إلى درجة تقنين الخبز، حيث تم تقدير حصة يومية لكل مواطن عليه أن يلتزم بها، وهذه الحصة تقدر بنصف رغيف !

 

نيكولاى تشاوتشيسكو

 

وبالرغم من ان رومانيا غنية بالموارد خاصة الموارد الزراعية، إلا أن الشعب لم يشعر بها ولم يلمسها في يومه، فلم يكن بشعر بشيء سوى الحاجة، وذلك بسبب تصدير كافة الموارد الزراعية، وسط تجاهل تام لمتطلبات الشعب وحاجة الاستهلاك المحلي، كل هذا كان يحدث بحجة تسديد ديون رومانيا.

 

هذه الديون التي سببتها مشروعات البناء الضخمة التي قام بها تشاوشيسكو الذي غير ملامح بوخارست تماماً، ومن أبرز هذه المشروعات مبنى “بيت الشعب” الذي هدمت من أجله منازل كثيرة، ويعتبر ثاني أكبر مبني في العالم بعد البنتاجون، كما يعتبر أغلى مبنى إداري في العالم.

 

سياسيا

 

أما على الصعيد السياسي؛ فلم يختلف الأمر كثيرأ، فكانت ذاتها سياسة التضيق، بداية من التحكم في الإعلام ومنع كافة القنوات الأجنبية، حيث كان كل شيء أجنبي حينها يخضع لرقابة صارمة، ولم يكن هناك سوى قنوات رومانية معدودة مسموح بها، تلك التي رآها جهاز الأمن لا تهدد النظام، ومتابعة سواها جريمة تستحق المحاسبة.

 

يمكننا القول بأن رومانيا تحت حكم تشاوتشيسكو كانت دولة بوليسية خالصة، وذلك بفضل جهاز “السيكوريتات” والذي يقصد به جهاز الشرطة السري الذي تنتشر قواته وجواسيسه في كل شبر على أرض رومانيا، بحثاً عمن تسول  له نفسه أن يتمرد أو يعارض، هذه المعارضة التي تتمثل في مواقف عادية وغريبة بعض الأحيان، فمن لا يمتدح النظام يعتبر معارضاً بشكل أو بآخر، حتى من يطلق النكات التي تشير للنظام من قريب أو من بعيد يعتبر معارضاً ومن الدرجة الأولى كما يشكل تهديداً للنظام !

 

نيكولاى تشاوتشيسكو

 

كل هذا التضييق كانت سبباً طبيعياً ودافعاً لقيام ثورة تهز أركان رومانيا، وبالفعل هذا ما حدث عندما اندلعت ثورة في مدينة تيميسوارا غرب رومانيا، ومن ثم تسربت إلى العاصمة بوخاريست ومن ثم إلى رومانيا كاملة، لتنهي صمتاً امتد لسنوات .

 

الخطاب الأخير

 

اشتدت المظاهرات واندلعت في كافة أرجاء رومانيا، وتوجه المتظاهرون إلى القصر الرئاسي يطالبون بسقوط تشاوتشيسكو، الأمر الذي دفع تشاوشيسكو إلى الخروج إلى شرفة القصر وبدأ يخاطب الشعب بكلمات متوقعة وخطاب مليء بالوعود التي تقسم على التغيير..

 

ورسم أحلاماً وردية جديدة أملاً في تهدئة تلك الحشود الغاضبة، إلا أن أحداً لم يسمع، فلم يجد سوى الهرب حلاً، وهرب هو وزوجته إيلينا التي يؤكد البعض أنها كان المحرك الأول والأساسي لتشاوتشيسكو، بطائرة هليكوبتر خارج القصر وتوجها لمكان لا يعلمه أحد.

 

تنفيذ حكم الإعدام

 

” عاشت جمهورية رومانيا الاشتراكية حرة مستقلة ..  سوف ينتقم التاريخ لى ”

 

كانت هذه آخر كلمات تمتم بها تشاوشيسكو قبل موته ..

 

بعد هروبهما تمكن بعض المزارعين من التعرف على مكانهما وتسليمها للشرطة، وبعدها تم عقد محاكمة صورية لم تتجاوز الساعتين، وتم توجيه تهم عديدة إليهما، كانت أبرزها الإبادة الجماعية للثوار، وتدمير اقتصاد رومانيا، وعليه تم الحكم عليهما بالإعدام رمياً بالرصاص، وتم تنفيذ الحكم  أمام عدسات التلفزيون، ثم دفنا بعدها في بوخارست.

 

Exit mobile version