
نبض المواقع «فـي اليقيـن».. الفلسـفـة فـي خدمـة قضايـا البـشـر تاريخ النشر: 20/10/2020 استمع '); } else { $('#detailedBody').after('' + $("#detailedAd").html() + ''); } } catch (e) { } } });
الشارقة: علاء الدين محمود
يعد كتاب «في اليقين» من المؤلفات المتأخرة للفيلسوف النمساوي الكبير لودفيج فيتجنشتاين «1889 1951»، وقد صدر عربياً من دار الرافدين للطباعة والنشر والتوزيع، هذا العام 2020، ترجمة مروان محمد، وهو من أهم أعماله الفلسفية، بل حمل خلاصة أفكاره، وقد عمل على كتابته خلال عام ونصف في نهاية حياته، وهو في الأصل يلخص فكرة مجادلة مع صديقه نورمان مالكولم عام 1949، عن المعرفة والحس المشترك عند الفيلسوف جورج مور، وتبعاً لذلك، كتب مجموعة من الفقرات والملاحظات شكلت كتابه هذا. وناقشت هذه الفقرات موضوعات مثل المعرفة واليقين والممارسات الانسانية، وتطرق الى المذاهب الفلسفية مثل الشكّيّة والمثالية موضحاً أنها عديمة المعنى وغير مفهومة، وهنا تبرز النقطة المهمة التي تعمق فيها فيتجنشتاين، وهي أن الفلسفة يجب أن تركز على قضايا المجتمع وأن تتعمق في ما هو ماثل أمام الناس من مشاكل، في أفعالهم وممارساتهم، وفي أشكال الحياة، فهي يجب أن تتوصل إلى الأشياء من خلال العمل، وليس عبر التنظير، وبعمق ومن دون الوقوع في فخ التجريبية.
والكتاب يحرض القارئ على تأمل محمولاته الفلسفية، فهو مؤلف غير تقليدي، بل هو خروج عن الطرق القديمة للفلسفة، فالكاتب لا يرتب أفكاره بالصورة الأكاديمية المعتادة، حيث اتبع أسلوب الشذرات، الذي هو أقرب للكتابة الجمالية الإبداعية. فقد كان فيتجنشتاين من أشد الكارهين للتقاليد الأكاديمية، وهذا الكتاب يعبر عن محاولاته وسعيه الدؤوب في الخروج عن سطوتها، حيث إن فلسفة فيتجنشتاين هي للحياة والانسان العادي، وتنفر من الصلابة والجمود.
الكتاب وجد صدىً من قبل القراء العرب في المواقع القرائية المتخصصة، وأشار أحد القراء إلى الأسلوبية الساخرة عند فيتجنشتاين، فهو مثل نيتشه يهوي بمطرقة غليظة على الأفكار التقليدية من أجل فعل هدم يؤسس لجديد، ويقول: «يقدم فيتجنشتاين سخرية عالية المستوى ضد الفلاسفة المثاليين والشكيين، حيث يضحك على عباراتهم المكرورة، ولا يكتفي بالضحك بل يعريهم ويقدمهم كمجانين ضلوا طريقهم إلى الفلسفة، فإذا قال أحدهم إنه يشك في كونه يحمل جسداً، فيجب أن يوضع في خانة الجنون»، ويقف قارئ آخر عند روح التجديد التي حملها الكتاب عن فكرة الفلسفة، ويقول: «إن فيتجنشتاين في الكتاب يتناول أفقاً جديداً ومختلفاً عن الفلسفة، فهي لا تموت ولكن تتخذ وتتبع طرقاً وأساليب جديدة، فالفيلسوف الكبير يقرب فكرتها لأذهان الناس، ويعيد توجيهها بحيث تخدم المجتمع وقضايا الواقع والوجود بصورة تقطع من الطرق المتعالية التي عرف بها بعض الفلاسفة».
«فيلسوف متمرد»، هكذا وصف أحد القراء فيتجنشتاين، ويقول: «إن أفكار هذا الفيلسوف، إلى جانب ماركس ونيتشه، أو من عرفوا بفلاسفة الضد، مهدت للفلسفة الحديثة، التي نجد صداها وروحها عند فلاسفة العصر من أمثال جيل دولوز، وميشيل فوكو، وجاك دريدا، وغيرهم، حيث أحدثت فتوحات كبيرة»، فيما يرى آخر أن الملاحظة الأكثر لمعاناً في الكتاب، هي أن فلسفة الرجل شديدة المعاصرة، ويقول: «لقد حرر فيتجنشتاين، الفلسفة من الدوغمائية، وجعلها أكثر التصاقاً بقضايا الإنسان، لذلك لا غنى عن الاستشهاد بمقولاته ومفاهيمه في مواجهة جنون العصر».
«فيلسوف اللغة»، ذلك هو الوصف الذي أطلقه قارىء على فيتجنشتاين، خاصة حول حديثه عن اللغة ودلالاتها ومهمتها الجليلة، ويقول: «الكتاب يهدينا أهم مفاهيم فيتجنشتاين في ما يتعلق بتنظيره حول اللغة، والتي هي عنده بمثابة مفتاح لفهم الحياة والوجود، خاصة عندما يقول: إن حدود لغتي تعني حدود عالمي، حيث إن اللغة هي التي تمنحنا معنى الأشياء عندما تقوم بوضع صورة عن الحقائق».